الحج والعمرة عن الحي العاجز
موضوع المسألة: الحج والعمرة عن الحي العاجز.
🔴 السؤال:
الوالدة كبيرة في السن ومريضة، ولها رغبة شديدة في الحج والعمرة، فهل يجوز لي أن أحج عنها وأعتمر؟
🔴 الجواب:
بالنسبة للحي إذا كان عاجزا عن الحج بنفسه، كمن من ضَعُفَ عن الحركة، وكالمريض الذي تدوم علته ولا ترجى صحته، والشيخ الكبير الهرم، لا يجب عليه الحج بنفسه ولو كان له مال، لأنه غير مستطيع.
وهل يجب عليه أن يستنيب غيره ليحج عنه من ماله أو لا؟ قولان للعلماء.
الأول: لمالك، أنه لا تَجِب عليه الاستنابة، لقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].
ووجه الاستدلال بالآية ما قاله القاضي عبد الوهاب رحمه الله في كتاب المعونة: «معناه أن يحجوا البيت، فأخبر عن صفة التكليف، وهو أن يفعله بنفسه، فانتفى بذلك وجوبه على خلاف هذه الصفة، ولأن كل عبادة على البدن لم تدخلها النيابة مع القدرة لم تدخلها مع العجز كالصلاة، ولأن كل عبادة تعلق فرضها بالبدن مع القدرة لم تنتقل إلى غيره مع العجز كالصلاة والصوم».
والقول الثاني: للشافعي وأحمد، تجب عليه الاستنابة، عملا بظاهر الحديث في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ».
وعلى رأي المالكية في عدم وجوب الاستنابة، هل تصح النيابة عنه إن وقعت؟ فيه خلاف، المشهور بطلان النيابة عنه مطلقا، ورأى ابن الجلاب صحة النيابة مع الكراهة، وهو ظاهر كلام الشيخ خليل في مختصره، واعتمده بعض الشراح، وأجازها ابن وهب للابن عن أبيه خاصة، وأجازها ابن حبيب من غير كراهة.
ورأي ابن حبيب أحسن، ويؤيده حديث ابن عباس رضي الله عنه، ولا ينبغي أن يُمْنَعَ الناس من فعل الخير، ولا يُسْتَبْعَدُ أن يقبله الله وهو سبحانه الجواد الكريم ذو الفضل والإحسان.