الخواطر والوساوس
موضوع المسألة: الخواطر والوساوس.
🔴 السؤال: من هاجر من سيدي بلعباس تقول: أنا فتاة متمسكة بديني ومحافظة على صلاتي وأرتدي الحجاب وأحافظ على قراءة القرآن الكريم، غير أنني أصبت بوسواس يشككني في عقيدتي وإيماني، وتراودني أسئلة عن الله تعالى هل هو موجود حقا أو لا؟ ومن خلق الله؟
🔴 الجواب: هذه الأسئلة من إيحاءات الشّيطان، يريد من خلالها أن يشكّك المسلم في عقيدته، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ».
وفي رواية أخرى لمسلم: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ».
وفي رواية لأبى داود: «فَقُولُوا: اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، ثُمَّ لْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ».
فاللّه هو الذي خلق الخلق، ولا خالق له، لأنّه هو الأوّل بلا بداية، والآخر بلا نهاية، لا والد له ولا ولد، ولا صاحبة له ولا شريك له في الملك.
قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون: 117].
وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا﴾ [الجن: 3].
ولذا لمّا سأل المشركون رسولَ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقالوا له: عَرِّفْ لنا ربّك، نزلت سورة الإخلاص فقال عزّ وجلّ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1 ـ 4].
وكون المسلم يتحرّج من هذه الوساوس وينزعج من تلك الأسئلة دليل على إيمانه، كما جاء مصرّحًا بذلك فيما رواه مسلم عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوَسْوَسَةِ قَالَ: تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ».
وروى مسلم أيضًا عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: «جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ».
ومن خلال الأحاديث السّابقة يمكننا أن نأخذ منها العلاج النّاجح والدّواء النّافع لهذه الوساوس، وهو الإعراض عن هذه الخواطر الشّيطانيّة العارضة والوساوس الباطلة، باللّجوء إلى اللّه تعالى والاعتصام به ومخالفة الشّيطان الرّجيم، ويصرف فكره عنها ويشتغل بغيرها ممّا ينفعه في دينه ودنياه، وسيزول عنه ذلك بإذن اللّه.
ومن تمام ذلك أن يقول: آمنت باللّه ورسله، ويستعيذ باللّه من الشّيطان الرّجيم.
قال السّيوطي في شرحه لصحيح مسلم «معناه إذا عرض عليه الوسواس فليلجأ إلى اللّه تعالى في دفع شرّه عنه، وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أنّ ذلك الخاطر من وسوسة الشّيطان، وهو إنّما يسعى بالفساد، فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالانتقال لغيرها».