الإحرام بمطار جدة
موضوع المسألة: الإحرام بمطار جدة.
🔴 السؤال:
ماحكم من تجاوز الميقات ولم يحرم بل أحرم عند هبوطه في مطار جدة، وهل هناك قول في ذلك؟
🔴 الجواب:
مسألة الإحرام بمطار جدّة شبيهة بالمسألة التي تكلم عنها علماؤنا قديما، وهي الإحرام في البحر، وملخصها أن من خرج حاجا عن طريق البحر، فإن كان طريقه في بحر القلزم وهو بحر السُّوَيْسِ من ناحية مصر وجب عليه أن يُحْرِمَ إذا حاذى الجُحْفَةَ لتيسره عليه، فإن ترك الإحرام منه حتى نزل إلى البَرِّ لزمه هدي، ومن حج من بحر عَيْذَابٍ وهو بحر الْقُصَيْرِ من ناحية اليمن والهند فلا يلزمه الإحرام منه بمحاذاة الميقات أي الجحفة، لأن فيه خوفا وخطرا، إذ الغالب أن ترده الريح، فيجوز أن يؤخر الإحرام إلى البَرِّ ولا هدي عليه.
يقول العلامة عليش رحمه الله في شرح مختصر خليل: «ولم يكن السّفر في عَيْذَابٍ معروفا في زمن الإمام (أي زمن الإمام مالك) ومن قبله، لأنّها كانت أرض مجوس، وأمّا اليوم فمن سافر فيه فلا يُحْرِمُ حتّى يخرج للبَرِّ، إلا أن يخرج قبل ميقات أهل الشّام أو اليمن فلا يُحْرِمُ حتّى يصل ميقاته، وإنّما قلنا بتأخيره للبَرِّ لأنّ في تقديمه عند محاذاة الميقات تغريرا وارتكاب خطر، إذ ربّما ردّته الرّبح فيبقى محرما عمره وهو من أعظم الحرج، والله تعالى يقول: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، ومثل هذا لو وجب لبيّنه النبي ﷺ وأصحابه، ولم ينقل عنهم فيه شيء، وإذا ثبت جواز التّأخير ثبت أنّه لا دم عليه ما لم يدلّ دليل على لزومه ولا دليل».
ومما لا شك فيه أن أخطار الطائرة أشد وأعظم مما ذُكِرَ، ورُكَّابُهَا أحوج إلى هذه الرخصة، ودين الله يسر، وقد صنّف شيخنا أحمد حماني رحمه الله وطيّب ثراه رسالة في الردّ على المانعين من الإحرام بمطار جدّة، وبيّن فيها أنّ القول بجواز تأخير الإحرام إلى جدة هو الموافق لمذهب الإمام مالك رحمه الله، وهو الذي تؤيده قواعد الشريعة السمحة، ومما جاء في رسالته قوله: «وبهذا صدرت الفتوى من شيخ الإسلام بتونس شيخ جامع الزيتونة الأستاذ الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله، وبذلك أفتى أيضا العلامة الشيخ عبد الله بن كنون رئيس رابطة علماء المغرب وشيخ العلماء المغاربة وعضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة، كما صدرت بذلك الفتوى من علماء الجزائر، وقد صدرت الفتوى بذلك من كثير من علماء العالم الإسلامي غير هؤلاء».