وجوب الزكاة في المال إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول

موضوع المسألة: وجوب الزكاة في المال إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول .



السؤال: لي مبلغ من المال مودع في بنك، وكنت في كل عام أؤدي فريضة الزكاة منه، وهذا المال لا يستعمل في التجارة بل أقوم بجمعه من مرتبي الشهري، وهو يتزايد في كل سنة، والغرض من جمع هذا المال هو الزواج من جهة ومن جهة أخرى شراء منزل والذي يكلف أموالا باهظة، غير أنني سألت أحد الأئمة في بلدتنا وأخبرني أن مثل هذا المال لا تجب فيه الزكاة، بحجة أنه مخصص للزواج، ومن أجل شراء منزل للحياة الزوجية، وأحيطكم علما أن لدي مبلغا يسيرا من المال قدره 40 ألف دينار جزائري مخصص للتجارة، فهل تجب فيه الزكاة؟  


الجواب: هذا المال تجب فيه الزكاة، ما دام قد تحقّق فيه شرطان هما: بلوغ النّصاب، ومرور حول كامل عليه، أي اثنا عشر شهرا قمريّا من يوم بلوغ النّصاب، فقد روى أحمد وأبو داود عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنّ النّبيّ قال: «لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيهِ الحَولُ»
وهو محل إجماع، فقد قال ابن المنذر رحمه اللّه في كتاب الإجماع: «وأجمعوا على أنّ المال إذا حال عليه الحول، أنّ الزّكاة تجب فيه».
وإذا بلغ المال نصابًا وحال عليه الحول وجبت فيه الزّكاة ولو جُمع لأجل الزّواج أو الحجّ أو بناء بيتٍ، ومن لم يخرج زكاته كان من الذين قال اللّه تعالى فيهم: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ(35)﴾ [التوبة: 34 ـ 35]. 
وقال اللّه تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: 180]، فدلّت الآيتان بعمومهما على وجوب الزّكاة في المال الذي يدّخره الإنسان، سواء ادّخره لزواج أو تجارة أو بناء بيت أو غير ذلك.
وفي الحديث عند البخاري عن خالد بن أسلم قال: «خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: أَخْبِرْنِي قَوْلَ اللَّهِ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَوَيْلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلأَمْوَالِ»
والذي أفتاك به هذا الشّخص بأنّه لا زكاة عليك غير صحيح، وهو خطأ واضح وتَقَوُّلٌ على شرع اللّه بغير علم، وهو من الذين يقولون على اللّه بغير علم، ويفتون النّاس من غير دراية، وهو من الافتراء والكذب على اللّه تعالى، وعن أمثاله يقول القرآن الكريم: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116)﴾ [النحل: 116].
وهو من أعظم الإثم كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)﴾ [الأعراف: 33].
والواجب عليك أن تؤدّي الزّكاة عن كلّ المال، أي المال المدّخر والمخصّص للتّجارة، تخرج عن الجميع ربع العشر.