من أنكر وجود الله تعالى أو نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فهو مرتد
موضوع المسألة: من أنكر وجود الله تعالى أو نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فهو مرتد.
🔴 السؤال: من كان أبواه مسلمين ويعيش بين المسلمين، ثم أنكر وجود الله تعالى ونبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، هل يسمى ملحدا أو مرتدا؟
🔴 الجواب: من أنكر وجود اللّه تعالى أو نبوّة محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم، أو كذّب القرآن الكريم، فهو كافر مخلّد في النّار، كما قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا﴾ [النساء: 136 ـ 137].
ويصح أن يُسمّى ملحدًا، لأنّ الملحد هو المائل عن طريق الحقّ، يقال: أَلحَدَ في الدّين ولحَدَ، أَي حَادَ عنه ومال.
ويُسمّى مرتدًّا، والمرتد في اللّغة اسم فاعل من الارتداد، وهو مطلق الرّجوع، وفي اصطلاح الفقهاء من رجع إلى الكفر بعد إيمانه، وسُمّي مرتدًّا لأنّه ردّ نفسه إلى كفره.
واللّه تعالى توعّد المرتد إذا لم يتب بأشدّ العذاب فقال: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 217].
والرّدّة جريمة من أعظم الجرائم، وهي في الفقه الإسلامي من الخيانة العظمى التي يستحِقُّ صاحبها القتل، ففي البخاري عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ».
وفي الصّحيحين عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ».
ولا يَحِلُّ لمسلم يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يرضى بالرّدّة أو يتساهل مع المرتدّين، ولا يجوز له أن يتعامل معهم أو ينبسط لهم أو يبدي تعاطفًا معهم، ومن فعل ذلك كان مثلهم، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22].
فإن تاب المرتد قُبِلَتْ توبته، ولكن لا يكون مَحَلَّ ثقة حتى تظهر عليه علامات الصّدق في التّوبة ويحسن إسلامه، لقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ﴾ [القصص: 67].
وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخُدري رضي اللّه عنه أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا».